المتصفح للقرآن الكريم يجد أن الله تعالى نهى عن اليأس فقال جل وعلا: (وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ). [يوسف: الآية 87].
يقول سيد قطب رحمه الله تعالى: "والذي ييأس في الضرّ من عون الله يفقد كل نافذة مضيئة، وكل نسمة رخيّة، وكل رجاء في الفرج، ويستبدّ به الضيق، ويثقل على صدره الكرب، فيزيد هذا كله من وقع الكرب والبلاء..ألا إنه لا سبيل إلى احتمال البلاء إلاّ بالرجاء في نصر الله، ولا سبيل إلى الفرج إلاّ بالتوجّه إلى الله، ولا سبيل إلى الاستعلاء على الضرّ والكفاح للخلاص إلاّ بالاستعانة بالله، وكل يائسة لا ثمرة لها، ولا نتيجة إلاّ زيادة للكرب ومضاعفة الشعور به".
يقول الشاعر:
يا صاحبَ الهمِّ إنَّ الهمَّ منفرجٌ أبشرْ بخيرٍ فإنَّ الفارجَ اللهُ
اليأسُ يقطعُ أحيانًا بصاحبِهِ لا تيأسَنّ فإنّ الكافيَ اللهُ
إذا بُليتَ فثقْ باللهِ وارضَ بهِ إنّ الذي يكشفُ البلوى هو اللهُ
اللهُ يحدثُ بعد العسرِ ميسرةً لا تجزعَنَّ فإن الصانعَ اللهُ
واللهِ ما لك غير اللهِ من أحدٍ فحسبُك اللهُ في كلٍّ لك اللهُ
كان الرسول (صلى الله عليه وسلم) يربي صحابته على التفاؤل وعدم اليأس مهما أُثيرت حول دين الله الشبهات.
يروي ابن هشام في سيرته أن عدي بن حاتم لمّا جاء إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- قبل إسلامه قال له النبي صلى الله عليه وسلم: "لعلك يا عديّ إنما يمنعك من الدخول في هذا الدين ما ترى من حاجتهم، فوالله ليوشكنّ المال أن يفيض فيهم حتى لا يوجد من يأخذه، ولعلك إنما يمنعك من الدخول فيه ما ترى من كثرة عدوهم وقلة عددهم، فوالله ليوشكنّ أن تسمع بالمرأة تخرج من القادسية على بعيرها حتى تزور البيت لا تخاف، ولعلك إنما يمنعك من الدخول أنك ترى الملك والسلطان في غيرهم، وأيم الله ليوشكنّ أن تسمع بالقصور البيض من أرض بابل قد فُتحت عليهم، قال عدي: فأسلمت".
ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده ليفرجنّ الله عنكم ما ترون من الشدّة، وإني لأرجو أن أطوف بالبيت العتيق آمنًا، وأن يدفع الله إليّ مفاتيح الكعبة، وليهلكنّ الله كسرى وقيصر، ولتنفقنّ كنوزهما في سبيل الله". [رواه البخاري ومسلم].
وعن عبد الله مسعود -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "الطيرة شرك" قالها ثلاثًا.
ورُوي عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه قال: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يتفاءل ولا يتطير، وكان يحب الاسم الحسن".
إن المؤمن لا يعرف اليأس ولا القنوط. إن له غاية عظمى وهدفًا ساميًا، ألا وهو رضا الله والجنة، وصدق الله حيث يقول: (وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا). [النساء: 104].
بقلم د. علي الحمادي
اللهم إنك عفو تحب العفوا فأعف عنا
تحياتي