لقد كان – رحمه الله – طوداً شامخاً في العلم والزهد والتقوى ، وحب الخير
للناس ، له في كل ميدان من ميادين العمل الصالح يد تذكر فتشكر ، نمط فريد
من أنماط العلماء العاملين الصالحين يذكر الإنسان بأئمة علماء السلف ،
الذين جاهدوا في الله حق جهاده ، ورثوا علم النبوة ، تحملوا الأمانة ،
وجاهدوا في أدائها على خير ما يكون الجهاد ، نذروا أنفسهم لنشر دين الإسلام
والدعوة إليه والذب عنه ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فقامت الحجة
بهم على الناس ، ورأى الناس فيهم من الصفات والعزم والحزم والتقوى ، في
والعمل الصالح ابتغاء مرضاة الله ، ما ثبت الدين في النفوس والمجتمعات ،
وأبرز خيرية أمة محمد صلى الله عليه وسلم التي أخبر الله تبارك وتعالى عنها
بقوله :" كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر
وتؤمنون بالله " .
كانت الدعوة إلى كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم والصبر على ذلك
والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ديدنهم إتباعا لقول الله تعالى: " ولتكن
منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم
المفلحون ".
عرفت سماحته منذ خمسة وأربعين عاماً ، تتلمذت عليه ، واستفدت من نصحه
وتوجيهه ، وقويت صلتي عندما توليت إدارة جامعة الإمام محمد بن سعود
الإسلامية ،فكان – رحمه الله – حريصا على الجامعة ورجالها ، يسأل عنها وعن
مشروعاتها ويحضر مناسباتها ، وقل أن يعقد مؤتمر أو ندوة فيها إلا وهو في
مقدمة الحاضرين والموجهين والمعينين .
وبعد انتقالي منها إلى وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد ،
كان شديد الصلة بالدعوة والدعاة ، يسأل عنهم ويعينهم ، ويسعى لحل مشكلاتهم
، يهتم بالمساجد والأئمة والجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن ، ولا أذكر أني
طلبت منه رأياً أو عوناً أو إسهاماً في مجال خير ينفع الناس ، ويسهم في
ربطهم بالكتاب والسنة إلا وكان مستجيباً بما يستطيع ناصحاً ، مخلصاً فجزاه
الله أحسن الجزاء وأكرمه لقاء ما قام به في سبيل الإسلام والمسلمين .
الشيخ الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي
وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد
في المملكة العربية السعودية
مقتطف من كلمة معالي الدكتور عبد الله التركي المنشورة في جريدة عكاظ السعودية