سقتك الغوادي والمزون الهواطل *** وجادت عليك الصيبات الثواقل
ووافتك من جنات ربي ملائك *** وروحا وريحانا تزف الأصائل
أيا طينة ضمت من الناس مهجة *** سماوية قد أثقلتها الشمائل
توارت لتهدى باطن الأرض زينة *** كما ازينت بالأمس منها المحافل
وما تركت صدرا خلا دون غصة *** ولا أنفسا إلا وفيها مقاتل
عشية قالوا الشيخ أسلم نفسه *** وعن أرضكم نحو السماوات راحل
بكته دروس العلم والحلم والندى *** وأهل التقى والمرضعات الأرامل
وأهل البوادي والحواضر والقرى *** فكل ديار المسلمين ثواكل
وأحسب أن الكون ضج لفقده *** وضج له حتى الحصى والجنادل
ولو يفتدى تفديه أم وحيدها *** وتفدية بالفرسان منها القبائل
إمام له من سالف القوم أسوة *** عن الدين والآثار دوما يناضل
به نصر الرحمن دين محمد *** وأجلى طريقا عنه قد ضل جاهل
وسارت به طول الثمانين همه *** عن الله لم تلو العنان شواغل
وكل دروب الخير كان دليلها *** وفي كل باب للمكارم داخل
إلى ميله ترنوا الديار وأهلها *** إذا اصطكت الأحداث والليل صائل
وتشتاقه كل المبادئ حينما *** يصيب بنيها في الأمور التخاذل
وإن قبل مهما قيل فالشيخ أمة *** مضت لا يوقيها إلى الحشر قائل
حباه الإله البر نزل كرامة *** وآوته في ظل الجنان الخمائل